رسائل في غير أوانها.

مشهد١ يكتب للمرة الأولى التي تردد بها، يكتب للمرة الأخيرة التي سيكتبُ بها، للكلام الذي تأجل مراتٍ عديدة يخطُ وجعه، يتفتقُ الجُرح في سطور، بنداوتهِ تبتبلُ الصفحات، تُغرقه مجددًا في الشعور. كَان يهمُّ بالكتابة، رغمَ كُل شيء كانَ يدفعه لنقطةِ البداية، بتنهيدةٍ عميقة، يُضمر فيها كُل الأشياء، يحُاول نفثها، رُبما للنسيان. بعينيهِ الغائرتين، يرى كم… تابع قراءةرسائل في غير أوانها.

ما كانت لتمضي.

”ما كان بالأمس كان بالأمس“ هكذا كنت اردد طوال الوقت على أمل أن تُحتمل قتامة الأمر بعض الشيء. ارددها، وإن كان هذه الكلمات الركيكة أشبه باعتذارٍ لا معنى له، جاء بعد ماجالَ الوجع فيَّا وصال. لكن.. لم تكن هنالك كلماتٌ سواها تجعلُ من الأمر أقل حِدة، أو هكذا ما كُنت أحاول فعله كي تمضي الليلة.… تابع قراءةما كانت لتمضي.

حينما شرَّعنا الأبواب.

َألف باء أبدأ من بعد ما مضى عامين. من بعد أن خانتني الأبجدية. ولا يسعني القول بعدها، غير أنهُ لم يكُن هينًا. أن تبرأ مننا الأشياء. أن تتجاوزنا وتكتبنا للخسارة. وتتماهى في الروح بوجعٍ يستحيل نسيانه. لم يكُن هينًا علينا، أبداً. ولم يكُن، في الحُسبان يومًا. أن ترمينا بالحجارةِ التي شيدنا بها ذاك الشعور المتين.… تابع قراءةحينما شرَّعنا الأبواب.

عزلة بلا أُنس.

لا زلتُ هنا، أُجابِه معترك الحياة. تعتريني في غمرتها مشاعر متأججة لاتستقرُ على وجعٍ واحد. يعود الألم ذاته. لاداعي للمقدمات معه، نعرفُ بعضنا من قبل. يتمادى دائماً إلى ما بعد الوجع. ما يفوقُ الوصف. وما لا تستطيع الكلمات شرحُه. تحرسني أبواب ونوافذ محكمة. ولا شئَ أمامي سوى جدارٌ يحجبني عن العالم. يبقيني في جبِ هذه العزلة، وحيدة دونما أحد.… تابع قراءةعزلة بلا أُنس.

على مهل، بدت لي الأشياء.

تسير الأيام بخطوٍ متأنٍ. كما لو أنها تودُّ منا أن نستريح بعد العناء الذي اجترعناه، تأخذني إلى سيرٍ رتيب أكثر رتابة حتى من الذي اعتدتُ على عيشه. الوقت على مهله، الثواني تغدو كالساعات. والساعات تنهبُ حُلةَ الأيام. تتوارى فيها اللحظات الحقيقية خلف مشاهدٍ ركيكة يشوبها شيءٌ من الغمام، فأراها من على بُعد مسافة سحيقة يذوب… تابع قراءةعلى مهل، بدت لي الأشياء.

رُهاب النهايات.

يلتقط ظرف الرسالة مع أنفاسه. يمسكها بين يديه دون أن يكون متأهباً للكلمات المسنونة التي ستصوبه عن قريب. لم يشهد نفسه أبداً بهذا الهوان أمام ورقة قد طُويت لنصفين.. يخاف أن حسان يشطره هو بدلاً منها. فكر كثيراً بماذا ستحمل له الرسالة الأخيرة. عتاب.. حنين.. كلامٌ قاسٍ.. أم ستفيض السطور بالحب.. كلها تخمينات لا تنفع إلا… تابع قراءةرُهاب النهايات.

يومٌ عادي.

يوم آخر بعاديته.المكان ساكنٌ وبارد على حاله. الأشياء كما تُركت. التماثيل الخاوية المملؤة بالسكون والصور التي احتوتها البراويز لسنين كما وعدت، على الرفِ ذاته. كوبُ الماء الذي تُركَ مملؤاً نصفه. الغبار الذي خلفتهُ عاصفةَ أمس على شباك غرفتي. الستائر التي لم تشعر بالممل عن التأرجحِ يوماً. الشمسُ التي تتلصص كل يومٍ علي. الأبجورة المضاءةُ بلا كلل… تابع قراءةيومٌ عادي.

الجو غائمٌ هنا.

ابقى خلف الباب ياصديقي، واوصده جيداً. فالجو غائم هنا.  والمطر قد يهطل على حين غرة. عيناك ستصبحان حينئذ.. مغمورتان بالمطر. كل مكان حولك سيصبح مبتل.. ومنه لامفر. وخوفي كل الخوف أن يكدر صفوك البلل، أو قد يصيبك منه الضجر. أن تطول الرحلة وأنت متورط بكل هذا.. معي. أنت تعلم جيداً، كما أنا أعلم.. أن الأيام… تابع قراءةالجو غائمٌ هنا.

لك حبٌ لايفنى.

أكتب هذا، لمن علمني كيف أكتب بكل عاطفتي، بحروفٍ من حب غزير قد أسقاني إياه. تتوالى الأيام، يجئُ ليلٌ تذهب شمساً، تجئُ شمسٌ يذهب ليلاً. وما بين على البال مرة وفي الأحلام مرة.. تزورني أنت، فيبدد سكوني اضطرابٌ من الشوق إليك كعصفورٌ يلهو في صدري، يقلب أضلاعي فيُضَيقُ عليَّ اتساع صدري. وبينما العالمُ يلهو من حولي، أنا… تابع قراءةلك حبٌ لايفنى.

ما يشبه الأيدي المنقذة.

هناك دائماً أيدي حولك تنقذك من عتيمٌ قد حوطكَ، فحيث يوجد هذا العتيم يوجد دائماً أيدي تحاول إنقاذك من الغرق وسطه وكأنه قاع محيط مجهولٌ عمقه إلى حيث النور يكون. أيدي لا ترضى عليكَ أن تتقوس ابتسامتك للأسفل، وتراك تنهار أنت معاها لذات الإتجاه شيئاً فشيئاً. كثيرٌ مايشبه تلكَ الأيدي، صوت أمك مثلاً، حديثك المطول عن… تابع قراءةما يشبه الأيدي المنقذة.